عرضت استفتاء منذ يومين عن ما إذا كان الشخص يجد نفسه في علاقة مؤذية أم لا؟ والإجابة حتى الآن أن ما يقارب الثلثين يرون أنهم في علاقة مؤذية. المدهش بالنسبة لي أن الثلث في رضى عن العلاقات التي هم فيها .
لكن هذه الأغلبية تفسر بشكل كبير أحد الأسباب الأساسية للمشاكل النفسية والاجتماعية الموجودة في مجتماعتنا.
والمشكلة الأكبر هي في كيفية نظر الناس للعلاقات التي هم فيها وماذا يتوقعون منها وما هي صورة الأذى التي يمكن تجاوزها وما لا يمكن.
نطرح سؤالا: هل من الممكن تصور علاقة بين اثنين بدون أي أذى تماما؟
الإجابة: شبه مستحيل، من طبيعة العلاقات بين الناس أنها تمر بشد وجذب بين الطرفين، ويكون الجانب الإيجابي في العلاقة هو الحافز لتجاوز الجزء السلبي. وبمعنى آخر، أن بعض الناس يتصورون أن العلاقة التي هم فيها مؤذية بسبب أن حدث منها بعض الأذى، حتى لو كان لو هذا الأذى أقل من الجانب الإيجابي في العلاقة.
لذلك تجد في الأخبار أن زوجة طلبت الخلع لسبب بسيط لا يستدعي الانفصال، لكن هي من وجهة نظرها ترى أن ذلك أذى شديد عليها.
صحيح أن كل إنسان يرى الأذى من زاوية مختلفة عن الآخر، لكن في النهاية لابد لتقييم آراءنا على نطاق ما هو متعارف بين عامة الناس، ولا يمكن أن يعتد كل إنسان برأيه بحجة الاختلاف.
بالتالي فالنظر لموضوع الأذى للنفس لابد أن يكون مبنيا على قواعد:
1- من شبه المستحيل أن تكون هناك علاقة بدون أي أذى من الطرفين لبعضهما البعض. وأقول شبه المستحيل لأنه يوجد نوع من العلاقات وهي العلاقة الاعتمادية الاستغلالية التي يكون هناك طرفا واحد مؤذيا للآخر بينما الآخر لا يؤذيه مثل في علاقة الولد المدلل جدا مع أمه.
2- تحمل الأذى مطلوب، وزيادة القدرة على التحمل مطلوبة أيضا، إذ أن الأذى يتنوع ويختلف من شخص لآخر، وليس سهلا إلغاء الأذى من كل من حولك.
3- رد الأذى بأذى مقابل سيزيد من المشكلة على الطرفين، وصد الأذى هو الأفضل مع إظهار القدرة على التحمل وأن الشخص لديه القدرة على الصد والرد لكنه لا يود الأذى للآخر.
4- لا يعتبر الأذى الذي يصل بتعريف العلاقة أنها مؤذية إلا بأنه أذى إلا إذا كان من الضرر الي يتعارف عليه عامة الناس أنه أذى لا يمكن التعايش معه. لأن هناك من يعتبر الأذى لأسباب أضعف من ذلك، مثل الشاب أو الشابة الذي يعتبر علاقته بالوالدين مؤذية بسبب عدم تلبية بعض الطلبيات الغير ضرورية أو بسبب فرض نظام للعودة للمنزل مساء.
5- من حق الشخص المتأذي أن يفعل كل ما يستطيع من أجل رفع الأذى عنه، أو تقليله، أو تعلم كيف يتعامل مع هذا الأذى إن لم يستطع رفعه. لكن استمرار الحياة في دور الضحية هو هادم لنفسية الإنسان.
6- نقطة أساسية في حياتنا، هو أن وجود الأذى أو الصعوبات أو المشاكل فهذا ضروري لتقوية شخصية الإنسان على مدار حياته. فكر فيها بشكل عكسي، لو أن طفلا حرص والديه على ألا يتعرض هذا الطفل لأي أذى طوال فترة طفولته أو مراهته، كيف يا ترى ستكون شخصية هذا الإنسان؟ ستكون ضعيفة حتى في تحمل مسؤوليات الحياة اليومية، وهذا من أهم أسباب هدم البيوت الحالي وزيادة معدلات الانفصال.
Add a Comment