جملة تتبادر للأذهان والألسنة عندما تنصح أحدهم بزيارة طبيب نفسي،
وكأن الذهاب لطبيب النفسي هو بمثابة شهادة بأنك مجنون. لكن في الحقيقة الذهاب إلى الطبيب النفسي هو شهادة بأنك مريض وبحاجة لمساعدة. الطبيب النفسي ليس بُعبعَاً والمرض النفسي شأنه شأن سائر الأمراض جميعها أمر يحتاج إلى علاج ومتابعة طبيب ورغبة في الشفاء وقبل كل ذلك اعتراف بوجود بالمرض.
من يجري استبيانا بسيطا سيجد أن نسبة الوعي بالمرض النفسي ضئيلة. وإن لم يكن لك اتصال مباشر مع هذا الأمر – أي إن لم تكن مريضا أو أحد من أقربائك أو المقربين منك مريض – فستكون من ضمن من لا يعلمون شيئا عن هذا العالم الخفي. هذا العالم الذي يبدو للكثير كالقصر المهجور المرعب الذي يدج بالأشباح لكن إذا حاولت دخول هذا القصر سرعان ما تتحول هذه الأشباح إلى حيوانات أليفة لا ضرر منها.
المرض النفسي ذلك البعبع الذي يخشي الجميع الحديث عنه “لا يا عم أنت فاكراني مجنون ولا ايه؟”. الجهل الذي يقود إلى جهل. من قال أن المرض النفسي يساوي الجنون؟. من قال أن كل مريض نفسي مجنون؟. ومن قال أن المرض النفسي أمر بأيدينا نختاره ونتمسك به أم لا؟. يا عزيزي المرض النفسي هو الذي يختارنا وأحيانأ يتمسك بنا. المرض النفسي شأنه شأن سائر الأمرض الجسدية يصيبك وأنت لا تصيبه. الأمراض النفسية تتفاوت في حدتها تماما كما تتفاوت الأمراض البدنية في حدتها، لا يمكننا أن نضعهم كلهم في سلة واحدة. لكن ما يمكننا أن نفعله هو أن نتيقن أن المريض النفسي ليس كائنًا فضائيًا هبط علينا من الخارج هو مثله مثلنا كل ما يميزه أنه مريض بهذا المرض أو ذاك.
إذاً من الملاحظ أن هناك علاقة طردية بين من يعاني مرض نفسي أو يعرف شخص يعاني مرض نفسي والوعي بالمرض النفسي. إذاً الأمر المتعلق بالمرض النفسي خاص أكثر منه عام وهدف التوعية هو إخراجه من نطاق الخاص إلى العام ليكون مرتبط بالمجتمع ومعلوم وواضح للجميع.
هذه المقالة من كتابة إحدى المتابعات التي تحسنت كثيرا مع العلاج وأحبت أن تشارك الآخرين تجربتها. شكرا لـ م.م.